أُدْخِلَ الشيخُ المدرسةَ الابتدائيةَ الحكوميةَ بقريتهِ، وكانَ والدُه قد تُوُفِّيَ في تلكَ السنةِ مِمَّا أدَّى إلى انقطاعِهِ عن الدراسةِ بضعةَ أشهرٍ، ثم عادَ بعدهَا لمواصلةِ دراستهِ وكان متفوقًا على أقرانِهِ في الدراسةِ في جميعِ الموادِّ، وقد رزقَهُ اللهُ بمديرِ مدرسةٍ كان محبًّا للنحوِ واللغةِ وهو الأستاذُ “سعدُ وهبان” والَّذي كان يُولِي اهتمامًا خاصًّا بطلابِ الصفِّ السادسِ الابتدائيّ، حيثُ كان يبكِّرُ بالحضورِ إلى المدرسةِ قبلَ بدءِ اليومِ الدراسيّ فيُملِي عليهم نصًا ثم يقوم الطلابُ بإعرابه ِكلمةً كلمةً.
ثم انتقل الشيخُ إلى المرحلةِ الإعداديةِ في قريةِ “منيةِ المرشدِ” التابعةِ لمركزِ مطوبسَ والتي تبعدُ عن قريتهِ بسبعةِ كيلو متراتٍ تقريبًا، وفي تلكَ السنواتِ الثلاثِ ظهرَ نبوغُهُ وتفوقُهُ في الدراسةِ فكان ترتيبُهُ الأولَ على مدرستهِ والخامسَ على مستوى المحافظةِ في جميعِ الموادّ والأولَ على مستوى المحافظةِ في اللغةِ الإنجليزيةِ في السنةِ النهائيةِ وذلك عام 1978م. وعلى الرُّغمِ من تفوقهِ في الدراسةِ إلَّا أنَّه لم يستطعِ الالتحاقَ بالمدرسةِ الثانويةِ آنذاك نظراً لِكُلْفَةِ الدراسةِ وقلةِ الناصحينَ، فقرَّر الالتحاقَ بدارِ المعلمينَ بمدينةِ “دسوق” والتي كان فيها قسمٌ داخليّ للمبيتِ والطعامِ والشرابِ، وكان ترتيبُهُ الأولَ على دفعته كل عام.
تُوُفِّيتْ والدتهُ وهو في السنةِ الثالثةِ بمدرسةِ المعلمينَ، ثم تقدَّم لامتحانِ نهايةِ الدبلوم فكانَ ترتيبهُ الأولَ على مستوى الجمهوريةِ وذلك عام 1983م بنسبةٍ بلغتْ (90,8%) وحَظِيَ بتكريمِ الجمهوريةِ له في ذلك الوقتِ، فَمُنِحَ رحلةً للسفرِ إلى خمسِ دولٍ أوروبيةٍ مع أوئلِ الثانويةِ العامةِ، وقد رأى في هذه الرحلةِ مالم يسبِقْ له رؤيتُهُ من أمورٍ لا تتفِق مع تربيتِهِ ونشأتِهِ الدينيةِ فأنكرَ على المسؤولينَ عن الرحلةِ هذه الأعمالِ فهددوه بالرجوعِ عن الرحلةِ إلَّا أنه هددهم بإبلاغِ وزيرِ التربيةِ والتعليمِ عن ذلك فسكتوا عنه.
وبعد عودته من الرحلةِ قرَّرَ الشيخُ الالتحاقَ بكليةِ التربيةِ (قسمِ الرياضياتِ) بمحافظةِ “كفر الشيخ” وكما هو الحالُ كان الشيخُ الأولَ على دفعته في كل سنواتِ الدراسةِ بالكليةِ بتقديرِ امتيازٍ، على الرُّغمِ من كثرةِ سفرهِ لجمهوريةِ العراقِ خلال الإجازاتِ الصيفيةِ، وذلك للعملِ واكتسابِ المالِ الذي يعينهُ على مواصلةِ رحلتهِ الدراسيةِ، والذي كان يؤخرُهُ عن موعدِ الدراسةِ فترةَ شهرٍ في غالبِ الأحيانِ، وحصل الشيخ في السنةِ النهائيةِ على تقديرِ امتيازٍ مع مرتبةِ الشرفِ الأولى وذلك عام 1987م، وكان قد رزقهُ اللهُ الاستقامةَ والفهمَ الصحيحَ للدينِ في ذلك العامِ فأطلقَ لحيتَهُ ممَّا أدَّى إلى حرمانِهِ من حقِّهِ في التَّعيينِ كمعيدٍ بالكليةِ وعُيِّنَ من هو دونَهُ من الطلابِ مع أنهم كانوا في حاجةٍ إلى معيدينَ آنذاك.
ولم ينتهِ الأمرُ عند ذلك الحدِّ بل حُرِمَ الشيح ُمن العملِ كمدرسٍ لمادةِ الرياضياتِ بالمدارسِ الحكوميةِ وأُقْصِيَ للعملِ كعضوٍ فنيٍّ بإدارةِ مطوبسَ التعليميةِ، وفي تلك السنةِ مَرِضَ الشيخ مرضًا شديدًا لازمهُ طيلةَ سنةٍ كاملةٍ، وأجريتْ له عمليةُ استئصالٍ للطُّحَالِ وربطِ دوالي المريء تمَّتْ بفضلِ اللهِ ورحمتهِ بعبده في مستشفى الجامعةِ بالإسكندريةِ وكُتِبَ له الشفاءُ.
وقد حكى الأطباءُ الذين أَجْرَوا له العمليةَ أنَّ الشيخَ عند إفاقتهِ من المُخَدِّرِ كان يردِّدُ قول النبي – صلى الله عليه وسلم :”قولوا لا إلهَ إلا اللهَ تفلحوا “
© 2024 ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻟﻤﻮﻗﻊ الشيخ سعد الشال
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ